قضية رقم 3 لسنة 2 قضائية المحكمة العليا "دستورية"- نقابة محامين غرب طنطا
قضية رقم 3 لسنة 2 قضائية المحكمة العليا “دستورية“
مبادئ الحكم: دعوى دستورية – قانون المرافعات – ميراث
نص الحكم
باسم الشعب
المحكمة العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 2 يوليه سنة 1977 م
برئاسة السيد المستشار/ بدوي إبراهيم حمودة
رئيس المحكمة
والسادة المستشارين/ عمر حافظ شريف ومحمد بهجت محمود عتيبة نائبي رئيس المحكمة وعلي أحمد كامل وأبو بكر محمد عطيه الوكيلين بالمحكمة والمستشار محمد فهمي حسن عشري وإسماعيل حسنى عبد الرحمن
أعضاء
وحضور السيد المستشار/ محمد كمال محفوظ
المفوض
وحضور السيد/ سيد عبد الباري إبراهيم
أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم 3 لسنة 3 قضائية عليا “دستورية”.
الوقائع
في شهر نوفمبر من عام 1962 أصدر رئيس الجمهورية الأمرين رقم 138 ورقم 142 لسنة 1962 استنادا إلى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 بفرض الحراسة على بعض الأشخاص وكان من بين من شملهم فرض الحراسة المرحوم… وعائلته بالتبعية، وهم زوجته وأولاده، وتسلمت الحراسة أموالهم ومنها أرض زراعية وثلاث عمارات ومحطة بنزين بالجيزة.
وقد قامت الحراسة العامة ببيع الأراضي الزراعية المذكورة إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قبل بدء السنة الزراعية 63/1964 التي قامت بتوزيعها تمليكا على صغار الزراع وصدر القرار رقم 48 في 14 من يوليو 1963 باعتماد التوزيع الابتدائي وذلك اعتبارا من السنة الزراعية التي تبدأ من أول نوفمبر 1963، وقد شمل تمليك الأرض كل الأراضي الزراعية عدا 15 فدانا وكسور.
أما بالنسبة للعمارات الثلاث ومحطة البنزين فقد باعتها الحراسة العامة إلى شركة الشرق للتأمين في 10 من أبريل 1963.
وفي 9 من يونيو سنة 1963 رفع المرحوم… عن نفسه بالنيابة عن أفراد أسرته سالفي الذكر دعوى إثبات الحالة رقم 171 لسنة 1963 مستعجل ابتدائي الزقازيق لإثبات حالة الأطيان ومشتملاتها وتقدير قيمتها – وقد أشار المدعون في دفاعهم أمام المحكمة إلى أن الحراسة العامة باعت العمارات إلى شركات التأمين وأن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد استولت على الأرض الزراعية. وعينت المحكمة خبيرا قام بتقديم تقريره عن الأراضي الزراعية وقيمتها.
وفي 24 من مارس سنة 1964 صدر القانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض الأشخاص ونص في مادته الأولى على رفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين لحراسة الطوارئ، وقضى في مادته الثانية بأيلولة ملكية هذه الأموال إلى الدولة وبأن يعوض عنها بتعويض إجمالي قدره ثلاثون ألف جنيه ما لم تكن قيمتها أقل فيعوض بحسب قيمتها، وإذا كانت الحراسة قد فرضت على الشخص وعائلته بالتبعية فيعوض جميعهم عن جميع أموالهم وممتلكاتهم المفروضة عليها الحراسة بما لا يجاوز التعويض الإجمالي السابق.
وقد طبق هذا القانون على المرحوم… وعائلته، ثم أعيد فرض الحراسة عليهم بالقرار الجمهوري رقم 2300 لسنة 1966 ثم رفعت بالقرار الجمهوري رقم 2300 في 6 ديسمبر 1967 وقد نص هذا القرار على عدم استثنائهم من أحكام القانون رقم 150 لسنة 1964، وبعد ذلك قاموا برفع الدعوى رقم 592 لسنة 1970 مدني كلي الزقازيق ضد وزير الإصلاح الزراعي والحارس العام وآخرين يطلبون تسليمهم الأرض الزراعية وقدروها بـ 317 فدانا والعمارات الثلاث ومحطة البنزين.
وأثناء نظر الدعوى صدر القرار الجمهوري رقم 2884 لسنة 1971 في 7 من نوفمبر 1972 وقد نص على أنه استثناء من أحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 تسلم إلى الأشخاص الخاضعين للحراسة بالتبعية والواردة أسماؤهم في القرار ومنهم زوجة المرحوم… وأولاده – الأموال والممتلكات التي لم يكونوا قد تلقوها عن الخاضع الأصلي أو ثمن ما بيع منها وفقا لعقود البيع… وتنفيذا لهذا القرار أصدر المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة قرارات إفراج عن أموال الخاضعين بالتبعية سالفي الذكر وهي القرارات من رقم 28 إلى 34 في 3 من أكتوبر 1972 وهي تقضي بالإفراج عن أموالهم وممتلكاتهم التي لم يتلقوها عن طريق الخاضع الأصلي ومنها 15 سهم و12 قيراط و27 فدان من الأراضي التي خضعت للحراسة بالتبعية، وكانت قد وزعت على صغار الزراع منذ أول نوفمبر 1963 عدا 18 سهم و15 قيراط و2 فدان كانت مؤجرة كما تضمنت القرارات المذكورة الإفراج عن العمارات الثلاث ومحطة البنزين المبينة في دعوى الموضوع وكانت الحراسة العامة قد تصرفت فيها إلى شركة الشرق للتأمين في 4 أبريل 1963.
وقد قدم الخاضع الأصلي مذكرة إلى محكمة الزقازيق الابتدائية في 23 من فبراير 1972 قال فيها أن زوجته وأولاده قد استثنوا من تطبيق القانون 150 لسنة 1964، وأنه لم يعد يجديهم أن يكون القانون المذكور دستوريا أو غير دستوري، ما داموا قد استثنوا من تطبيقه بالنسبة إلى أموالهم وهي العمارات الثلاث ومحطة البنزين وأراضي زراعية مساحتها 17 قيراط و261 فدان، أما بالنسبة إليه شخصيا فقد دفع بعدم دستورية القانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن ممتلكات وأموال بعض الأشخاص… وقررت المحكمة بجلسة 19 من ابريل 1972 تأجيل نظر الدعوى لجلسة 24 من مايو 1972 “ليقدم المدعي ما يدل على التجائه للمحكمة الدستورية العليا طعنا في القانون رقم 150 لسنة 1964 عن نفسه”.
وقد رفع المرحوم الأستاذ… هذه الدعوى عن نفسه وبصفته وكيلا ووليا طبيعيا على أولاده وزوجته وطلب فيها الحكم بعدم دستورية الأمر رقم 138 لسنة 1961 بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص والقانون رقم 150 لسنة 1964 بشأن رفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض الأشخاص وما يتبعه من قوانين مكملة له ومتعلقة به وهي القوانين رقم 930 لسنة 1967 ورقم 915 لسنة 1967 ورقم 119 لسنة 1964 مع إلزام المدعى عليهم متضامنين بجميع المصاريف وأتعاب المحاماة واضاف إلى هذه القوانين القانون رقم 52 لسنة 1972 بمذكرة لاحقة.
وبعد رفع هذه الدعوى قررت محكمة الموضوع في 21 من يونيه سنة 1972 وقف الدعوى حتى يتم الفصل في الطعن المرفوع إلى المحكمة العليا.
ويقوم الطعن بعدم دستورية الأمر رقم 138 لسنة 1961 بفرض الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الواردة أسماؤهم فيه على أنه يستند إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ الذي لا يجيز فرض الحراسة على الأفراد، كما أن جميع دساتير العالم لا تبيح فرض الحراسة على أموال المواطنين وإنما قصر هذا الإجراء على أموال الاعداء، وبالنسبة إلى القانون 150 لسنة 1964 فإنه قانون غير دستوري لأنه يتناول آثار تلك الحراسة الباطلة ولأن من أصدره لم يكن رئيسا للجمهورية وقت إصداره لانتهاء مدة رئاسته في فبراير سنة 1964 ولأن القانون المذكور لم يعرض على مجلس الرياسة طبقا لأحكام دستور سنة 1958 والاعلان الدستوري الصادر سنة 1962، كما أنه يخالف نصوص الدستور المؤقت الصادر في سنة 1958 الذي صدر في ظله فضلا عن الدستور الحالي والقانون المدني كلها لا تجيز نزع ملكية الأفراد إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل، وقد صادر هذا القانون أموالهم لغير منفعة عامة ولم يعوضهم عنها التعويض العادل – وفضلا عن ذلك فإن المادة السابعة من هذا القانون تجيز لرئيس الجمهورية أن يستثنى من أحكامه كيف يشاء وبلا ضابط مما يخل بالمساواة بين المواطنين – ومن ثم يكون هذا القانون والقوانين 930 لسنة 1967 و915 لسنة 1967 و119 لسنة 1964 التي ترتبت عليه كلها غير دستورية وكذلك القانون رقم 52 لسنة 1972.
وقد أبدى المدعون والحكومة دفاعهم في الدعوى، وأعد المفوض تقريرا بالرأي فيها ثم نظرت أمام المحكمة بجلسة أول يونيه 1974 حيث قضت بانقطاع سير الخصومة لوفاة المدعي الأصلي في 20 من نوفمبر 1973.
وأثناء انقطاع سير الخصومة في الدعوى صدر القانون رقم 69 لسنة 1974 بإصدار قانون تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، ونشر في 25 من يوليو 1974 ويقضي هذا القانون بتسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين استنادا إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، وقد تناول فيما تناول تسوية أوضاع المدعين وقد صدر استنادا إلى هذا القانون وبناء على طلب ورثة المرحوم… قرار رئيس جهاز تصفية الحراسات رقم 418 لسنة 1976 بالتخلي والإفراج عن أموال وممتلكات المرحوم…. وعائلته.
وتنفيذا لهذا القرار تم “التخلي لورثة المرحوم… وعائلته عن عناصر ذمتهم المالية أصولا وخصوما محققه وغير محققة المبينة بالمادة الأولى من هذا القرار وترد إليهم الأصول عينا أو نقدا إذا كانت قد بيعت…” ومن بين هذه الأصول الأراضي الزراعية التي كانت مملوكة للخاضع الأصلي والتي كانت مملوكة لعائلته عن طريقه وتبلغ مساحتها كما جاء بهذا القرار 19 سهم و10 قيراط و284 فدان وكذلك العمارة التي تسكنها العائلة بالعجوزة – كما نص القرار في مادته الثالثة على اعتماد قرارات سنة 1972 بالإفراج عن أموال الخاضعين بالتبعية التي آلت إليهم عن طريق الخاضع الأصلي.
كما نص القرار وقضى في مادته الرابعة بأن يصرف إليهم صافي إيراد الأموال التي كانت خاضعة للحراسة والتي كانت ملكا للخاضع الأصلي أو آلت لعائلته عن طريقه، وذلك بمراعاة الحد الأقصى للتعويض المنصوص عليه في القانون رقم 69 لسنة 1974 وهو مائة ألف جنيه للأسرة.
وقد قام الورثة بتعجيل الدعوى الدستورية لجلسة 4 من أكتوبر سنة 1975 بصفتهم خلفاء للمرحوم…. وتداولت الدعوى بالجلسات ثم أجلت للحكم لجلسة 11 من يونيه سنة 1977 ومنها أجلت لجلسة 2 من يوليو سنة 1977 حيث قررت المحكمة إعادة القضية إلى المرافعة لهذه الجلسة ثم أرجئ النطق بالحكم لآخر الجلسة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
عن الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة لمن عدا الخاضع الأصلي.
ومن حيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المدعين عدا المرحوم… بصفته الشخصية – مستندة إلى أنه أقام الدعوى الدستورية عن نفسه وبصفته وكيلا ووليا طبيعيا على أولاده وزوجته مع أن أولاده وزوجته وإن كانوا خصوما في الدعوى الموضوعية إلا أنهم لم يدفعوا بعدم الدستورية أمام محكمة الموضوع بالنسبة لأي قانون من القوانين المطعون فيها وبذلك لا يجوز قبولهم كمدعين في الدعوى بصفاتهم الشخصية.
من حيث إنه يبين من الأوراق أن المرحوم… قرر أمام محكمة الموضوع أنه يطعن بعدم دستورية القانون 150 لسنة 1964 عن نفسه شخصيا، وأن أولاده وزوجته قد استثنوا من أحكامه ومن ثم فلم يعد لهم أي مصلحة في الطعن فيه ولا يفيدهم أن يكون القانون المذكور دستوريا أو غير دستوري، وبناء على ذلك رخصت له المحكمة في رفع الدعوى الدستورية عن نفسه بالنسبة للقانون رقم 150 سنة 1964.
ومن حيث إنه يتعين لقبول الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة طبقا لما تقضي به المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969 والمادة الأولى من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1970 أن يدفع الخصوم أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية القانون فإذا تبينت المحكمة جدية الدفع حددت ميعادا لرفع الدعوى أمام المحكمة العليا… ومفهوم ذلك أن ولاية المحكمة العليا في الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالا مطابقا للأوضاع المقررة قانونا – ولما كانت الدعوى بالنسبة إلى من عدا المرحوم… بصفته الشخصية لم ترفع إلى المحكمة طبقا لهذه الأوضاع، إذ أنهم لم يثيروا الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة الموضوع ولم ترخص لهم هذه المحكمة في رفع الدعوى الدستورية، فمن ثم تكون الدعوى غير مقبولة بالنسبة لهم بصفاتهم الشخصية.
من حيث إنه، بعد وفاة المرحوم… جدد أولاده وزوجته الدعوى بصفتهم ورثته، ومن ثم فهم يحلون محله في دعواه باعتبارهم خلفاءه، وتكون الدعوى مقبولة منهم بصفتهم ورثه له.
عن الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للقرارات والقوانين المطعون بعدم دستوريتها عدا القانون رقم 150 لسنة 1964.
ومن حيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الطعن بعدم دستورية القوانين والقرارات المبينة في صحيفة الدعوى وهي الأمر رقم 138 لسنة 1961 بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص والقراران الجمهوريان رقم 930 لسنة 1967، ورقم 1915 لسنة 1967 والقانونان رقم 119 لسنة 1964 ورقم 52 لسنة 1972 استنادا إلى أن المحكمة لم ترخص في رفع الدعوى الدستورية إلا بالنسبة للقانون رقم 150 لسنة 1964.
ومن حيث إن ولاية هذه المحكمة في نظر الدعاوى الدستورية، لا تقوم إلا باتصالهما بالدعوى اتصالا مطابقا للأوضاع المقررة قانونا طبقا لأحكام المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا والمادة الأولى من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا على نحو ما تقدم، بحيث لا تقبل الدعوى الدستورية أمام المحكمة العليا إلا لمناسبة دعوى قائمة أمام إحدى المحاكم، ويدفع فيها بعدم دستورية تشريع يطلب تطبيقه في الدعوى وتقدر المحكمة جدية الدفع وضرورة البت فيه للفصل في الدعوى الموضوعية.
ومن حيث إن محكمة الموضوع (محكمة الزقازيق الابتدائية) قصرت نطاق الدفع بعدم الدستورية على القانون رقم 150 لسنة 1964 دون سواه ومن ثم تكون الدعوى غير مقبولة بالنسبة إلى القوانين والقرارات المطعون فيها عدا القانون رقم 150 لسنة 1964.
وبالنسبة إلى القانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض الأشخاص.
ومن حيث إن مبنى الطعن بعدم دستورية هذا القانون أن من أصدره لم يكن رئيسا للجمهورية وقت إصداره لانتهاء مدة الرياسة في فبراير سنة 1964 ومن ثم فهو صادر من غير مختص، كما أن القانون لم يعرض على مجلس الرياسة طبقا لأحكام دستور سنة 1958 والاعلان الدستوري الصادر سنة 1962.
ومن حيث إنه بالنسبة لصفة رئيس الجمهورية فإن رئيس الجمهورية كان يباشر كافة سلطاته عند صدور القانون وقد أقر وضعه هذا الدستور المؤقت الصادر في 24 مارس سنة 1964 إذ نص في المادة 158 منه على أن تنتهي مدة رئاسة رئيس الجمهورية الحالي في 26 مارس سنة 1965، أما بالنسبة لعرض القانون على مجلس الرياسة للموافقة عليه قبل اصداره، فإنه يبين من الاطلاع على ديباجة القانون أنه صدر بعد موافقة مجلس الرياسة ولم يقدم المدعون دليلا ينفي هذه الواقعة ومن ثم يتعين عدم الالتفات إلى هذين الوجهين من أوجه الطعن.
ومن حيث إنه عن الطعن بعدم دستورية القانون رقم 150 لسنة 1964 فإنه يتناول المواد 1، 2، 7 من هذا القانون، والتي تنص على ما يأتي:
مادة 1: “ترفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم بمقتضى أوامر جمهورية طبقا لأحكام قانون الطوارئ”.
مادة 2: ” تؤول إلى الدولة ملكية الأموال والممتلكات المشار إليها في المادة السابقة ويعوض عنها صاحبها بتعويض إجمالي قدره ثلاثون ألف جنيه ما لم تكن قيمتها أقل من ذلك فيعوض عنها بمقدار تلك القيمة.
على أنه إذا كانت الحراسة على الشخص وعلى عائلته بالتبعية له، فيعوض جميعهم عن جميع أموالهم وممتلكاتهم المفروضة عليها الحراسة بما لا يجاوز قدر التعويض الإجمالي السابق بيانه ويوزع بينهم بنسبة ما يمتلكه كل منهم في هذه الأموال والممتلكات إلى مجموع ما يمتلكون منها وقت العمل بأحكام هذا القانون.
ويؤدى التعويض بسندات أسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنويا وتكون هذه السندات قابلة للتداول في البورصة ويجوز للحكومة بعد عشر سنوات أن تستهلك هذه السنوات كليا أو جزئيا بالقيمة الأسمية…”.
مادة 7: “يجوز بقرار من رئيس الجمهورية الاستثناء من أحكام هذا القانون”.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى المادتين الأولى والسابعة سالفتي الذكر فإن مصلحة الطاعن في الطعن بعدم دستوريتهما غير قائمة، ذلك أن المادة الأولى التي قضت برفع الحراسة عن أموال الخاضعين لها من الأشخاص الطبيعيين ومنهم الطاعن، ولا مصلحة له في بقاء الحراسة، أما ما أثاره الطاعن من أن النص المذكور يضفي الشرعية على قرارات فرض الحراسة وهي باطلة لمخالفتها لأحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن الطوارئ ذلك أن هذا الطعن إنما يتصل بقضاء المشروعية مما يخرج عن اختصاص المحكمة ولا يتصل بقضاء الدستورية، هذا فضلا عن أن هذا المعنى قد تأكد بنصوص تشريعية لاحقة. وبالنسبة لنص المادة 7 من القانون المذكور والتي تجيز لرئيس الجمهورية الاستثناء من أحكام القانون المذكور، فإن مصلحة الطاعن بالنسبة لها غير قائمة، ذلك أنه أيما كان الحكم بشأنها فإنه لا أثر له على طلباته الموضوعية المنظورة أمام محكمة الموضوع، ومن جهة أخرى فإن هذا النص لا يقتضي بالضرورة أن يكون تطبيقه على أساس يخل بالمساواة بين الأفراد، بل أنه يمكن تطبيقه تطبيقا عادلا، كما حدث بالنسبة للقرار الجمهوري رقم 2482 سنة 1972 الذي وضع قاعدة عامة مجردة مؤداها استثناء كل الخاضعين للحراسة بالتبعية بالنسبة لأموالهم وممتلكاتهم التي اكتسبوها عن غير طريق الخاضع الأصلي. ومن ثم يكون دفع الحكومة بعدم قبول الطعن على المادتين المذكورتين لانعدام مصلحة الطاعن، قائما على أساس سليم.
ومن حيث إنه بالنسبة لأحكام المادة الثانية من القانون المذكور، فإنه يتعين قبل البت في الطعن بالنسبة لها أن تستعرض المحكمة التطور التشريعي الذي عالج موضوع القانون رقم 150 لسنة 1964 بصفة عامة وأحكام المادة المذكورة بصفة خاصة.
ومن حيث إن القانون رقم 150 لسنة 1964 قد قرر الأحكام الخاصة بأيلولة أموال الأشخاص الطبيعيين الذين أخضعوا لحراسة الطوارئ إلى ملكية الدولة وحدد مقدار التعويض وحده الأقصى وطريقة أدائه، وهي الأحكام المطعون فيها بعدم الدستورية في الدعوى الماثلة.
ومن حيث إن هذه الأحكام قد عرض لها الشارع في تشريعات لاحقة فأصدر القانون رقم 49 لسنة 1971 بتصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964، وقد نص على تحديد موعد محدد تتم خلاله التصفية، وعلى احترام التيسيرات التي تقررت لمن رفعت عنهم الحراسة، وعنى أساسا بتشكيل لجان خاصة تتولى تحديد المراكز المالية للخاضعين وقواعد وأسس هذا التحديد، ولم يمس هذا القانون الحد الأقصى للتعويض المقرر بالقانون رقم 150 لسنة 1964. ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 52 لسنة 1972 ويقضي بأيلولة سندات التعويض المستحقة للخاضعين للحراسة طبقا للقانون 150 لسنة 1964 إلى بنك ناصر الاجتماعي وتعويضهم عنها بمعاشات يحددها وزير الخزانة ويؤديها إليهم بنك ناصر الاجتماعي، وقد ألغى هذا القانون بعد ذلك بالقانون رقم 69 لسنة 1974 بإصدار قانون بتسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة. وقد نشر هذا القانون في 25 من يوليو سنة 1974، ونص في المادة الأولى من قانون الإصدار على أن تسوى طبقا لأحكام القانون المرافق الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسات على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين استنادا إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ. وقد استثنى في المادة الثالثة منه الطوائف التي لا يسري عليها من الخاضعين لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 وليس الطاعن من بين هذه الطوائف المستثناه كما نص في المادة الرابعة منه على احترام التيسيرات التي تقررت للخاضعين قبله وقضت المادة السابعة بإلغاء كل نص يتعارض مع أحكامه.
ومن حيث إنه يتضح من أحكام قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة المرفق بالقانون 69 لسنة 1974 آنف الذكر أن الشارع قد أعاد تنظيم هذه الأوضاع فنص في المادة الأولى منه على إنهاء جميع التدابير المتعلقة بالحراسة وتصحيح الأوضاع الناشئة عن فرضها، وفقا لأحكامه وقد غير من أحكام القوانين السابقة بصفة جذرية خاصة فيما يتعلق برد الأموال عينا أو بطريقة تحديد التعويض أو حده الأقصى أو فيما يتبع نحو التصرفات التي جرت على هذه الأموال – فقد نص بالنسبة للخاضعين بالتبعية على أن ترد إليهم أموالهم عينا إذا لم تكن أيلة إليهم عن طريق الخاضع الأصلي، وأما الأموال والممتلكات التي آلت إليهم عن طريقه فيرد إليهم منها عينا ما قيمته 30 ألف جنيه لكل خاضع بالتبعية وفي حدود مائة ألف جنيه للأسرة أما إذا كانت هذه الأموال قد بيعت فيعوضون عنها نقدا (المادة 2) كما قضى في حالة ما إذا كانت الأموال والممتلكات مملوكة للخاضع الأصلي وتزيد على 30 ألف جنيه أن يرد منها عينا إلى الأسرة في حدود ثلاثين ألف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة على النحو المبين في نصوص القانون، أو يعوضون عنها نقدا إذا كانت قد بيعت (المادة 4) وبصفة عامة فقد نص القانون على أن الرد يكون عينا فإذا كانت الأموال قد بيعت ولا يجوز إلغاء عقود بيعها طبقا لأحكام هذا القانون فيكون التعويض نقدا، وفي حدود ثلاثين ألف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة (م 4). ونص القانون كذلك على إلغاء سندات التعويض بعد أن قرر رد الأموال أو قيمتها نقدا (م 14). كما تناولت باقي نصوص القانون أحكاما متعددة تتعلق بتقدير قيمة الأموال والممتلكات وأسس التقدير والحالات التي يجوز فيها إلغاء عقود بيع الأراضي الزراعية والعقارات وردها عينا بدلا من رد قيمتها نقدا وغير ذلك من الأحكام التي اقتضاها إعادة التنظيم الشامل لتسوية الأحوال الناشئة عن فرض الحراسة.
ومن حيث إنه يتضح من مقارنة الأحكام المتقدمة بأحكام المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 أن المشرع قد نظم من جديد الموضوعات التي سبق أن قرر قواعدها نص المادة الثانية أنفة الذكر، وبالتالي فأنها تعتبر ملغاة، وأن حالة الطاعن تخضع في تنظيمها للنصوص الجديدة ولذلك فإن الطعن بعدم دستورية هذه الأحكام الملغاة يعتبر منتهيا.
ومن حيث إنه فضلا عن ذلك فإن مصلحة الطاعن في الدعوى الدستورية إنما ترتبط بمصلحته في دعوى الموضوع التي أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها.
ومن حيث إن طلبات الطاعن في دعوى الموضوع رقم 592 لسنة 1970 كلي الزقازيق تتحدد في ما يخصه من الأراضي الزراعية (بعد استبعاد ما يخص الخاضعين بالتبعية منها والعمارات الثلاثة ومحطة البنزين التي كانوا يملكونها عند فرض الحراسة) وهي الأراضي التي باعتها الحراسة العامة إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي التي قامت بتوزيعها على صغار الزراع اعتبارا من 1/11/1963 وقبل صدور القانون رقم 150 لسنة 1964.
من حيث إن القانون الخاص بتسوية أوضاع الخاضعين للحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974، قد طبق على حالة الطاعن بناء على طلب ورثته فصدر قرار رئيس جهاز تصفية الحراسات رقم 418 لسنة 1976 بالتخلي والإفراج عن أموال وممتلكات الطاعن وعائلته، وقد تناولت المادة الأولى منه بيان عناصر الذمة المالية للطاعن ومنها الأراضي الزراعية موضوع الدعوى المدنية رقم 592 لسنة 1970 ونصت المادة الثانية منه على أن “يتم التخلي لورثة السيد… وعائلته عن عناصر ذمتهم المالية أصولا وخصوما محققة وغير محققة المبينة بالمادة الأولى من هذا القرار وترد إليهم الأصول عينا أو نقدا إذا كانت قد بيعت…”.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن القانون رقم 69 لسنة 1974 سالف الذكر هو الذي طبق على الطاعنين بصفاتهم بناء على طلبهم وصدر قرار رئيس جهاز تصفية الحراسات بالإفراج والتخلي عن أموالهم بالاستناد إلى القانون المذكور الذي يسري على وضعهم دون القانون رقم 150 لسنة 1964 المطعون بعدم دستوريته والذي ألغي تشريعيا كما سلف البيان.
ومن حيث إن ما طرأ من تطور على ظروف الدعوى والتشريعات التي صدرت بعد رفعها والإجراءات التي اتخذت بشأن موضوعها بعد رفعها، يترتب عليها إنهاء الخصومة.
ومن حيث إن المحكمة ترى لما تقدم أن تلزم الحكومة مصروفات الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولا: بقبول الدعوى بالنسبة لورثة المرحوم الأستاذ… وبعدم قبولها منهم بصفاتهم الشخصية.
ثانيا: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن بعدم دستورية الأمر رقم 138 لسنة 1961 وقرار رئيس الجمهورية رقم 930 لسنة 1967 وقرار رئيس الجمهورية رقم 1915 لسنة 1967 والقانون رقم 119 لسنة 1964 والقانون رقم 52 لسنة 1972 المشار إليها.
ثالثا: بانتهاء الخصومة بالنسبة إلى الطعن بعدم دستورية القانون رقم 150 لسنة 1964 المشار إليه.
رابعا: بإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.
منصة محامين طنطا- منصة هنا القانون- نقابة محامين غرب طنطا