عمرو العماد يكتُب.. ( المُحامي والنفس البشرية.)
“حينما يقف القانون أمام تعقيدات الروح، يُولد فن الدفاع الحقيقي.”
⸻
في أعماق النفس البشرية تتربص أسرار لا يُدركها سوى من غاص في أعماقها،
المحامي ليس مجرد ناقل لنصوص القانون، بل هو قارئ لمشاعر الإنسان،
متأمل في دوافعه، مفكك لألغاز النفس، مدركٌ أن وراء كل قضية إنسانٌ له قصة،
قصة تسكنها الآلام، الآمال، الأوهام، والانكسارات.
⸻
النفس البشرية معقدة، متناقضة، لا تسير بخطى واحدة،
تُلهبها العواطف وتُقيدها الضغوط،
في بعض الأحيان يكون الإنسان ضحية لظروفه، وأحيانًا يكون سبب ألمه هو ذاته،
وهنا يكمن التحدي الحقيقي للمحامي،
كيف يوازن بين نص القانون، وعمق الإنسان،
كيف يجد العدالة وسط هذا الصراع النفسي،
وكيف يدافع عن روح تبحث عن خلاص وسط عواصف الحياة.
⸻
لا يكفي أن يفهم المحامي القانون فقط،
بل يجب أن يفهم النفس التي تقف خلف القضية،
أن يتلمس نقاط الألم، ويستشعر نداءات العدل والرحمة،
فالدفاع عن النفس البشرية هو دفاع عن الإنسانية ذاتها،
عن كرامة وسلامة الإنسان في مواجهة ما قد يكون قاسياً أو ظالماً.
⸻
المحامي حين يتقن فن قراءة النفس، يصبح أكثر من مجرد محامٍ،
يصبح قاضيًا لقلب موكله، ومستشارًا لنفسه،
يرى في كل قضية رحلة معقدة إلى داخل الإنسان،
يرى أن القانون ليس جامدًا، بل ينبض بروح الإنسان،
وأن النجاح في الدفاع هو أن يصل إلى قلب الحقيقة التي تكمن في أعماق النفس البشرية.
⸻
لذلك، المحامي الحقيقي هو من لا يكتفي بالقانون فقط،
بل يغوص في أعماق النفس، يحاورها، يفهمها، ويعالجها،
فيقف سداً منيعاً أمام كل ظلم يهدد سلامة الإنسان،
ويحرص أن تكون العدالة لا فقط في الأوراق،
بل في قلوب البشر، حيث تكمن الحقيقة الأسمى.