المقالات القانونية

عمرو العماد يكتُب.. دعوى الغُبن في بيع العقارات

في سوق العقارات قد يقع البعض ضحية لنقص الخبرة أو الاستغلال، فيبيعون ممتلكاتهم بثمن بخس لا يتناسب مع قيمتها الحقيقية. في هذه الحالات، هل يمكن للقانون أن يُنصف البائع؟

الإجابة: نعم. القانون المدني المصري لم يغفل عن هذه المسألة، وتحديدًا في دعوى الغبن الفاحش في البيع.

ما هو الغبن الفاحش؟

الغبن الفاحش في القانون يعني أن يُباع العقار بثمن يقل عن قيمته الحقيقية وقت البيع بأكثر من الخُمس (20%). أي إذا كانت قيمة العقار 1,000,000 جنيه، ثم تم بيعه بـ 750,000 فقط، هنا يوجد غبن فاحش.

لكن القانون لم يفتح الباب على مصراعيه، بل وضع شروطًا محددة لحماية البائع المغبون.

متى يحمي القانون البائع في حالة الغبن؟

نظم القانون المدني هذه الدعوى في المواد من 425 إلى 427، وأكد أنه يمكن للبائع – في ظل ظروف معينة – أن يطلب من المحكمة إما إبطال العقد أو تكملة الثمن إلى أربعة أخماس القيمة العادلة.

لكن، حتى تُقبل الدعوى، يجب توافر الشروط التالية:

1. أن يكون البائع غير كامل الأهلية

أي أن يكون قاصرًا، أو محجورًا عليه لسفه أو غفلة. فالقانون يعتبر هؤلاء أكثر عرضة للاستغلال، لذا يمنحهم حماية إضافية.

أما كامل الأهلية، فلا يحق له أن يتمسك بالغبن لمجرد بيعه بثمن قليل، إلا إذا ثبت استغلال واضح مثل الاستغلال لطَيشٍ بَيِّن أو هوى جامح، وفقًا للمادة 129 من القانون المدني.

2. أن تكون العين المبيعة عقارًا

الغبن الفاحش لا ينطبق إلا على بيع العقارات، مثل: الأراضي، المنازل، أو الحقوق العينية كحق الانتفاع أو حق الارتفاق.

أما بيع المنقولات (كسيارة أو متجر أو أسهم) حتى لو بثمن زهيد، فلا تدخل تحت هذه الدعوى، بل تحميها قوانين أخرى كقانون الولاية على المال.

3. ألا يكون البيع في مزاد علني

إذا تم البيع عن طريق مزاد علني قانوني، فلا يمكن الادعاء بوجود غبن فاحش. لأن المزاد يُفترض أنه يحقق أعلى سعر ممكن في السوق، وبالتالي لا يُفترض وجود استغلال.

4. أن يقل الثمن عن القيمة الحقيقية بأكثر من الخُمس

إذا ثبت أن العقار بيع بثمن يقل عن 80% من قيمته الحقيقية وقت البيع، فذلك يعد غبنًا فاحشًا.

والعبرة هنا بوقت البيع وليس بوقت رفع الدعوى.

ما الذي يمكن للمغبون أن يطلبه أمام المحكمة؟

حسب نص المادة 425:

  • يمكنه طلب تكملة الثمن ليصل إلى 80% من قيمة العقار.
  • أو إذا توافرت شروط الاستغلال، يمكنه طلب إبطال العقد استنادًا إلى المادة 129.

من يحق له رفع دعوى الغبن؟

  • البائع نفسه إذا كان حيًا.
  • الورثة من بعده.
  • وليه أو وصيه إن لم يكن كامل الأهلية.

من يُقاضى؟

  • المشتري أو ورثته، باعتبارهم الملتزمين بسداد الفرق في الثمن، أو بإعادة العقار إذا تقرر إبطال البيع.

ما المحكمة المختصة بدعوى الغبن؟

محكمة الموطن الخاص بالمشتري، باعتبارها دعوى بحق شخصي. وتُقدر قيمة الدعوى حسب ثمن العقار في عقد البيع.

من يُثبت الغبن؟ وكيف؟

العبء يقع على البائع (أو رافعي الدعوى من ورثته)، وعليه أن يثبت:

  • أن قيمة العقار وقت البيع كانت تزيد على الثمن بأكثر من 20%.
  • ويمكنه استخدام كافة طرق الإثبات، بما فيها شهادة الشهود، المستندات، أو طلب ندب خبير عقاري.

ماذا تحكم المحكمة؟

  • إذا اقتنعت المحكمة بوجود غبن فاحش، تُلزم المشتري بتكملة الثمن.
  • وإذا توافرت شروط الاستغلال، يمكن الحكم بـ إبطال العقد كليًا.

خلاصة القول

دعوى الغبن الفاحش هي ملاذ قانوني مهم لكل من تم استغلاله في بيع عقار بثمن لا يتناسب مع قيمته. لكنها ليست حيلة قانونية لندم ما بعد البيع، بل دعوى دقيقة يشترط فيها:

  • نقص الأهلية.
  • أن يكون المبيع عقارًا.
  • الغبن يزيد عن الخُمس.
  • عدم إجراء البيع في مزاد قانوني.

فإذا كنت بائعًا غير كامل الأهلية، وتم بيع عقارك بثمن زهيد، فلا تصمت. القانون أعطاك حقك، وتستطيع أن تُطالب بالعدالة أمام المحكمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى